الإلكترونيات
الدكتور منصور العبادي \ جامعة العلوم
والتكنولوجيا الأردنية
4-1 تمهيد
إن التقدم المذهل
الذي تشهده البشرية اليوم في جميع المجالات
التقنية والمعرفية لم يكن ليتحقق لولا ظهور علم الإلكترونيات في مطلع القرن
العشرين. ففي نفس العام الذي كان يعمل فيه
الأخوان رايت على تصنيع أول طائرة في تاريخ البشرية وهو عام 1904م كان عالم
الفيزياء الإنجليزي فليمنغ يعمل في مختبره المتواضع على تصنيع أنبوب زجاجي مفرغ من
الهواء بحجم الإصبع يحتوي عند طرفيه قطبين معدنيين بحيث يسمح للتيار بالمرور في
اتجاه واحد فقط. لقد كان الأثر الذي تركه
أنبوب فليمنغ على رفاهية البشر في هذا العصر لا يقل أهمية إن لم يزد عن الأثر الذي
تركته طائرة الأخوين رايت. فبفضل هذا
الأنبوب المفرغ وما تبعه من إنجازات في مجال الإلكترونيات تمكن البشر من التحدث مع بعضهم البعض عبر
الهواتف السلكية واللاسلكية رغم تباعد المسافات بينهم ومتابعة كل ما يجري في هذا
العالم من أخبار وأحداث من خلال سماع ومشاهدة البث الإذاعي والتلفزيوني الذي ينطلق
من آلاف المحطات الموجودة على سطح الأرض أو معلقة في جو السماء. وتمكنوا كذلك من تصنيع الحواسيب التي أحدثت
ثورة المعلومات والإنترنت التي لا تقل أهمية عن الثورة الصناعية التي أحدثها
اختراع الآلة البخارية. وعلى الرغم من الدور الكبير الذي لعبته الصمامات الإلكترونية
في تقدم أنظمة الاتصالات والحواسيب والقياس والتحكم إلا أن الثورة التي نشهدها
اليوم في مختلف المجالات لم تكن لتتحقق لولا اختراع الترانزستور في عام 1947م. فقد أدى استخدام الترانزستور الذي يتميز على
الصمام الإلكتروني بصغر حجمه وبقلة استهلاكه للطاقة الكهربائية وبصلادته إلى تقليص
كبير في أحجام الأجهزة والمعدات الإلكترونية وقد تمكن المهندسون من تصنيع أنظمة لم
يكن بالإمكان تصنيعها باستخدام الصمامات الإلكترونية كالتلفزيونات الملونة
والحواسيب والهواتف الخلوية وأنظمة الأقمار الصناعية. وعلى الرغم من الدور الكبير
الذي لعبه الترانزستور في تقليص أحجام الأجهزة الإلكترونية إلا أن أسلاك التوصيل
بين الترانزستورات وبقية القطع الإلكترونية المكونة للدائرة الإلكترونية أصبحت
عائقا يحول دون تصنيع أجهزة إلكترونية
متطورة وصغيرة الحجم تحتوي على أعداد كبيرة من الترانزستورات كما هو الحال في
الحواسيب والتلفزيونات الملونة والهواتف المتنقلة. ولقد تم التغلب على هذه المشكلة
بعد أن تمكن المهندسون في نهاية الخمسينات من تصنيع أكثر من ترانزستور مع يلزمها من مقاومات ومكثفات على
سطح رقاقة صغيرة من السيلكون وتم توصيل المكونات فيها بشرائط معدنية رقيقة يتم
ترسيبها على سطح الرقاقة بما يسمى الدائرة المتكاملة. وفي عام 1961م تنبأ أحد العاملين في مجال تطوير الدوائر المتكاملة
وهو المهندس مور مؤسس شركة إنتل التي تعتبر من أكبر شركات إنتاج الدوائر المتكاملة
في الولايات المتحدة الأمريكية بأن عدد الترانزستورات على الرقاقة الواحدة سيتضاعف كل ثمانية عشر شهرا. ولقد صدقت توقعاته
إلى حد كبير حيث تضاعف عدد الترانزستورات على الرقاقة الواحدة من عشرة ترانزستورات
في بداية الستينات إلى ما يزيد عن عشرة ملايين ترانزستور مع نهاية القرن العشرين. إن الوظيفة الأساسية للترانزستور وكذلك سلفه الصمام
الإلكتروني هو في إمكانية التحكم بالتيار المار بين طرفين من أطرافه من خلال تيار أو جهد صغير يتم تسليطه على الطرف الثالث.
إن هذه الوظيفة البسيطة قد تم استغلالها للقيام بوظائف أكثر تعقيدا وبني على
أساسها أجهزة ومعدات بالغة التعقيد تلعب دورا بالغ الأهمية في حياة الناس كأنظمة
الاتصالات المختلفة وأنظمة البث الإذاعي والتلفزيوني والحواسيب وشبكات المعلومات
وأنظمة التحكم والقياس وفي الأجهزة الطبية وغيرها الكثير. فبدون الترانزستور لا
يمكن لجميع هذه الأجهزة والأنظمة أن تعمل بالشكل التي هي عليه ولهذا فقد عد
العلماء اختراع الترانزستور كأعظم اختراع في القرن العشرين ولذلك نال مخترعيه في
عام 1956م جائزة نوبل تقديرا لجهودهم وتأكيدا على أهمية هذا الاختراع وذلك حتى قبل
أن تظهر التطبيقات التي بنيت على أساسه. ولا يوجد حتى الآن
أي عنصر إلكتروني يمكنه أن يحل محل الترانزستور في صناعة الإلكترونيات على الرغم
من البحث المتواصل لإيجاد بديل عنه. وعلى الرغم من أن اختراع الترانزستور يعد أعظم
اختراع في القرن العشرين إلا أن اختراع البطارية وكذلك المولد الكهربائي في مطلع القرن التاسع عشر يفوق اختراع
الترانزستور عظمة فالترانزستور لا يمكنه أن يعمل إلا بوجود الكهرباء. وتجري الآن أبحاث في مجال الإلكترونيات الضوئية
يعمل الباحثون من خلالها على دراسة
إمكانية تصنيع ترانزستور ضوئي يكون الضوء هو الحامل للإشارات بدلا من الإلكترونات مما يعني رفع سرعة معالجة
المعلومات بشكل كبير وذلك لأن سرعة انتقال الضوء أعلى منها بكثير من سرعة
الإلكترونات.
4-2 الصمامات
الإلكترونية (الأنابيب المفرغة) ( Electronic Valves (Vacuum Tubes))


4-3 المواد شبه
الموصلة (Semiconductor Materials)
لقد تم استخدام المواد شبه الموصلة في صناعة الترانزستور لما تتميز به هذه المواد
من خصائص فريدة عند توصيلها للكهرباء فهي تختلف عن المواد الموصلة للكهرباء بإمكانية
التحكم في درجة توصيلها من خلال إضافة شوائب من عناصر محددة في بنيتها البلورية.
وتتوفر المواد شبه الموصلة على الأرض إما على شكل عناصر فيزيائية خالصة تقع في العامود
الرابع من الجدول الدوري وهي عنصري الجرمانيوم والسيليكون أو من مواد مركبة ناتجة عن خلط بعض عناصر العمود الثالث كالبورون
والألمنيوم والأنديوم والقاليوم مع عناصر العمود الخامس كالفوسفور والزرنيخ
(الأرسنيد) والبزموث منتجة مواد شبه موصلة كفوسفيد الإنديوم وأرسنيد القاليوم
وغيرها من المركبات التي قد تتفوق على العناصر شبه الموصلة الخالصة في بعض خصائصها
الكهربائية. لقد كان الجرمانيوم هو العنصر المستخدم في صناعة الترانزستورات في
بداية عهدها إلا أنها لم تكن تعمل بشكل
موثوق إلا عند درجات الحرارة التي تقل عن
أربعين درجة مئوية وذلك بسبب حساسية
الجرمانيوم العالية للحرارة والتي تعود لتدني قيمة فجوة الطاقة (energy gap) بين نطاقي التكافؤ
والتوصيل (conduction & valence bands) فيها
والتي يبلغ 0.7 إلكترون فولت. وفي عام 1954م تمكن المهندسون من استخدام
السيليكون في صناعة الترانزستور بعد التغلب على بعض المشاكل التصنيعية. ويتميز
السيليكون على الجرمانيوم بكبر قيمة فجوة الطاقة فيه حيث تبلغ 1.1 إلكترون فولت
مما يعطيه ثباتا كبيرا في خصائصه
الكهربائية يمتد على نطاق واسع من درجات الحرارة. ومن حسنات السيليكون أن مادته
الخام وهي ثاني أكسيد السيليكون (SiO2) متوفرة بكميات كبيرة في الطبيعة خاصة في رمال
الصحراء. إن المواد شبه الموصلة النقية تعتبر مواد عازلة للكهرباء ولكن يمكن
تحويلها إلى مواد موصلة من خلال إضافة شوائب من مواد محددة حيث تزيد موصليتها مع
زيادة نسبة الشوائب فيها. ويتم التحكم
بدرجة توصيل مادة السيليكون النقي أو غيره من المواد شبه الموصلة من خلال إضافة
مواد شائبة في بنيتها بما يسمى عملية التطعيم (doping). ويوجد نوعان من
التطعيم فالنوع الأول يتم من خلال إضافة
مادة شائبة بمقدار ضئيل ومحدد مأخوذة من عناصر العامود الخامس في الجدول الدوري
كالفوسفور مثلا ويكون الناتج في هذه الحالة مادة شبه موصلة تمتلك فائض من
الإلكترونات الحرة ويطلق على هذا النوع من المواد الشائبة اسم المواد المانحة (donars).
ويساوي عدد الإلكترونات الفائضة عدد ذرات المادة الشائبة المضافة ويطلق على
هذه المادة شبه الموصلة المطعمة شبه موصل من النوع السالب (N-type) وذلك لأن الإلكترونات ذات الشحنات السالبة
هي المسؤولة عن حركة التيار الكهربائي
فيها. أما النوع الثاني فيتم تصنيعه من خلال إضافة مادة شائبة من عناصر العامود الثالث في الجدول الدوري كالبورون مثلا منتجة بذلك مادة شبه موصلة تفتقر
إلى الإلكترونات الحرة في المدار الخارجي لذراتها وقد أطلق العلماء
على هذا المكان الخالي من الإلكترون اسم
الفجوة (hole) ويطلق على هذا النوع من
المواد الشائبة اسم المواد القابلة (acceptors). وعند
تسليط جهد كهربائي على هذه المادة المطعمة فإن الفجوات
ستتحرك عند انتقال الإلكترونات إليها بعكس اتجاه حركة الإلكترونات ولذا يمكن
تخيلها على أنها حاملة لشحنات موجبة ولذلك
يطلق على هذه المادة المطعمة شبه موصل من
النوع الموجب (P-type). وعند تطعيم
منطقتين متجاورتين على بلورة من مادة شبه موصلة كالسيليكون مثلا بحيث تكون أحدهما
من النوع السالب والأخرى من النوع الموجب فإنه يتكون عند الحد الفاصل بينهما منطقة
تسمى المنطقة المنضبة (depletion
region). وتتكون هذه المنطقة نتيجة لهجرة الإلكترونات الزائدة الموجودة
في المنطقة السالبة إلى المنطقة الموجبة لتملأ لتحميل ملف البحث كاملا علي الرابط التالي : http://adf.ly/1SrYi3
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق